r copy 2

هل حرّف العلامة المجلسي رواية كتاب (معاني الأخبار) ؟

انتشرت مؤخرا شبهة واتهام موجه إلى شيخنا العلامة المجلسي صاحب البحار -رحمه الله- بأنه ممن حرف في الحديث، فقد نقل رواية عن معاني الأخبار بسنده عن رسول الله -صلى الله عليه وآله- في ذيلها قوله \”أنا وأصحابي\”، وغير والعلامة -رحمه الله- ذيلها واستبدله بقوله \”أنا وأهل بيتي\”، أرجو الإجابة والتوضيح مع جزيل الشكر

1- حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ السَّرَخْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو لَبِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْرَائِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْإِفْرِيقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَيَأْتِي عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِثْلٌ بِمِثْلٍ وَ إِنَّهُمْ تَفَرَّقُوا عَلَى اثْنَتَيْنِ وَ سَبْعِينَ مِلَّةً وَ سَتُفَرَّقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَ سَبْعِينَ مِلَّةً تَزِيدُ عَلَيْهِمْ وَاحِدَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ غَيْرَ وَاحِدَةٍ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا تِلْكَ الْوَاحِدَةُ قَالَ هُوَ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ الْيَوْمَ أَنَا وَ أَصْحَابِي.

بحار الأنوارالجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (ط – بيروت)، ج‏28، ص: 4 [ 100 % ] 4- مع، معاني الأخبار مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ التَّمِيمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّامِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيِّ عَنِ الْإِفْرِيقِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَيَأْتِي عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِثْلٌ بِمِثْلٍ وَ إِنَّهُمْ تَفَرَّقُوا عَلَى اثْنَتَيْنِ وَ سَبْعِينَ مِلَّةً وَ سَتَفَرَّقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَ سَبْعِينَ مِلَّةً تَزِيدُ عَلَيْهِمْ وَاحِدَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ غَيْرَ وَاحِدَةٍ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا تِلْكَ الْوَاحِدَةُ قَالَ هُوَ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ الْيَوْمَ أَنَا وَ أَهْلُ بَيْتِي.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الروايات الموجودة في افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة وردت بألسن مختلفة:

  1. فمنها ما يکتفی بذكر حصول التفرقة بعد النبي صلى الله عليه وآله فقط، من دون تعيين الفرقة الناجية.
  2. ومنها ما يسأل الراوي عن الفرقة الناجية فيجيب النبي صلى الله عليه وآله بجواب مجمل مثلا يقول (الجماعات الجماعات) او (هو ما نحن عليه اليوم أنا و أصحابي).
  3. ومنها ما يسأل الراوي عن الفرقة الناجية فيجيب النبي بجواب صريح على نحو التعيين فيقول مثلا (و هي التي تتبع وصيي عليا) أو عندما سأله أمير المؤمنين عليه السلام عن الفرقة الناجية أجاب النبي بـ (ما أنت عليه وأصحابك) أو (المتمسك بما أنت عليه و أصحابك‏).

لا يخفى أن اللسان الأول والثاني لا يخدم أيّا من الطرفين الشيعي والسني، لأن قوله (الجماعات الجماعات) أو (أنا و أصحابي) مجمل حيث أن الاختلاف و التفرقة سيقع بين الأصحاب أنفسهم ولا معنى لأن يكون جميع الأصحاب مع تفرقتهم فرقة ناجية فالمراد هو أن الاصحاب الذين ساروا على نهج رسول الله هم الفرقة الناجية، وهذا هو أول الكلام، من هؤلاء الأصحاب؟ و من هو الذي اختاره النبي لقيادة الأمة بعده؟
وعليه لا داعي لتحريف الرواية حتى يتهم العلامة بذلك، بل يحمل على اختلاف النسخ.

ثم إن العلامة المجلسي في هذا الباب (الباب 1 من المجلد 28 من البحار) ليس في مقام تعيين الفرقة الناجية فلذلك نراه يذكر جميع تلك الطوائف من كتب الشيعة والسنة (حتى الرواية التي فيها: انا وأصحابي) لاجل إثبات افتراق الأمة بعد النبي على بضع و سبعين فرقة، فلذلك نراه عنون الباب بـ((باب افتراق الأمة بعد النبي ص على ثلاث و سبعين فرقة وأنه يجري فيهم ما جرى في غيرهم من الأمم وارتدادهم عن الدين‏)). لكي ينبه الباحث على انه ينبغي أن يبحث عن الفرقة الناجية.

عود على بدء: بعد المراجعة إلى بعض مخطوطات كتاب معاني الأخبار وجدنا أنه في بعض النسخ جاء (أهل بيتي) بدل (أصحابي)، فظهر أن النسخة التي اعتمد عليها العلامة المجلسي ايضا كان فيه (أهل بيتي) فهذا من باب اختلاف النسخ وليس تحريفا، ويعرفه من له أدنى مسكة من العلم..

ونكتفي بإيراد نسخة واحدة هي من انفس نسخ كتاب (معاني الأخبار)، وإليك صورة من موضع الشاهد في المخطوط:

مع الخط
صورة من موضع الشاهد في المخطوط، وفيه: (أنا وأهل بيتي)
  • مكان النسخة: مؤسسة كاشف الغطاء – العراق
  • رقم النسخة: (2301)
  • أسم الناسخ: الشيخ عباس بن خضر بن عباس النجفي
  • تاريخ النسخ: (1095 هـ)

وقد ترجم الشيخ الطهراني في الطبقات للناسخ وذكر هذه النسخة ضمن ترجمته بقوله: «عباس النجفى: ابن خضر: النجفى الأصل والمولد والمسكن. رأيت بخطّه الجزء الثالث من المنتهى، فرغ منه أوائل شعبان 1092 وعلى نصفه الأوّل بلاغات وإنهاءات يظهر أنه قرأه على مشايخه، والنسخة عند الشيخ عباس القمى، وفى موقوفة السادة (آل خراسان) نسخة من «معانى الأخبار» بخطّ صاحب الترجمة أيضا ذكر نسبه فى آخره هكذا [عباس بن خضر بن عباس النجفى] وفرغ من كتابته 1095 كتبها عن نسخة عليها إنهاء يحيى بن سعيد فى 980 وفى (الرضوية) قطعة من شرح النهج الحديدية بخطّ صاحب الترجمة و امضاؤه فى 1091.»[1]

ولكن وقع اشتباه من محقق كتاب الطبقات في تاريخ إنهاء يحيى بن سعيد، فهو في مطبوع الطبقات كما مر (980 هـ) وهو خطأ، وفي مخطوط الطبقات بخط الشيخ الطهراني كان التاريخ (680 هـ) وهو الصحيح.

Screenshot 2024 01 05 002118
صورة موضع الشاهد من مخطوطة كتاب (طبقات أعلام الشيعة)

كما جاء ذلك في الصفحة قبل الأخيرة من المخطوط

272 copy 1
صورة من الصفحة قبل الأخيرة من مخطوط (معاني الأخبار)

وفيه قال الشيخ عباس: (وجد في مثل هذا الموضع هكذا: تم الكتاب والحمدلله وحده، وتحت هذا هكذا: فرغ من نسخه ضاحي نهار الاثنين عاشر ربيع الآخرة سنة ثمانين وستمائة. وتحت هذا هكذا: إنهاه أحسن الله توفيقه سماعًا وفقه الله وايانا بمحمد وآله وكتب يحيى بن سعيد في جمادى الأولى سنة ثمانين وستمائة)

ومما يزيد من قيمة ونفاسة المخطوط ويجعلنا نعتمد على نصه دون ما هو مطبوع، هو ان الناسخ سمعه من الشيخ يحيى بن سعيد الحلي، وقد مر عليك إنهاء سماع الناسخ من الشيخ (رحمه الله) ولنعرف قليل من فضله ننقل ما ذكره الشيخ النوري في خاتمة المستدرك، قال: «الشيخ نجيب الدين أبو أحمد – أو أبو زكريا – يحيى بن أحمد ابن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلي الهذلي، الفاضل العالم الفقيه، الأديب النحوي، المعروف: بالشيخ نجيب الدين، ابن عم المحقق، وصاحب كتاب الجامع، وكتاب نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر. المتولد سنة 601، وأمه بنت الفقيه محمد بن إدريس صاحب السرائر. قال ابن داود في ترجمته: شيخنا الإمام العلامة الورع القدوة، كان جامعا ” لفنون العلوم الأدبية والفقهية والأصولية، كان أورع الفضلاء وأزهدهم. إلى أن قال: مات في ذي الحجة سنة 690. وفي الرياض، عن الكفعمي في حواشي فرج الكرب، بعد ذكره، وذكر بعض مؤلفاته. ومدحه بعض الفضلاء: ليس في الناس فقيه صنف الجامع فقها “ومدحه بعض الفضلاء بقوله :يا سعيد الجدود يا بن سعيد مثل يحيى بن سعيد. قد حوى كل شريد .أنت يحيى والعلم باسمك يحيى ما رأينا كمثل بحثك بحثا ” ظنه العالم المحقق وحيا»[2]

وفقكم الله لمراضيه.

[1] طبقات أعلام الشيعة، ج5 ص311

[2] خاتمة المستدرك، ج2 ص415

قد يهمك أيضًا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *